فصل: عود إبراهيم إلى ملك الموصل ومقتله.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.مقتل مسلم بن قريش وولاية ابنه إبراهيم.

قد قدمنا ذكر قطلمش قريب السلطان طغرلبك وكان سار إلى بلاد الروم فملكها واستولى على قونية وأقصراي ومات فملك مكانه ابنه سليمان وسار إلى أنطاكية سنة سبع وسبعين وأربعمائة وأخذها من يد الروم كما نذكر في أخباره وكان لشرف الدولة مسلم بن قريش بأنطاكية جزية يؤديها إليه صاحبها القردروس من زعماء الروم فلما ملكها سليمان بن قطلمش بعث إليه يطالبه بتلك الجزية ويخوفه معصية السلطان فأجابه بأني على طاعة السلطان وأمري فيها غير خفي وأما الجزية فكانت مضروبة على قوم كفار يعطونها عن رؤوسهم وقد أدال الله منهم بالمسلمين ولا جزية عليهم فسار شرف الدولة ونهب جهات أنطاكية وسار سليمان فنهب جهات حلب وشكت إليه الرعايا فرد عليهم ثم جمع شرف الدولة جموع العرب وجموع التركمان مع أميرهم جق وسار إلى أنطاكية فسار سليمان للقائه والتقيا في أعمال أنطاكية في صفر سنة ثمان وسبعين وأربعمائة ولما التقوا مال الأمير جق بمن معه من التركمان إلى سليمان فاختل مصاف مسلم بن قريش وانهزمت العرب عنه وثبت فقتل في أربعمائة من أصحابه وكان ملكه قد اتسع من نهر عيسى وجميع ما كان لأبيه وعمه قراوش من البلاد وكانت أعماله في غاية الخصب والأمن وكان حسن السياسة كثير العدل ولما قتل مسلم اجتمع بنو عقيل وأخرجوا أخاه إبراهيم من محبسه بعد أن مكث فيه سنين مقيدا حتى أفسد القيد مشيته فأطلقوه وولوه على أنفسهم مكان أخيه مسلم ولما قتل مسلم سار سليمان بن قطلمش إلى أنطاكية وحاصرها شهرين فامتنعت عليه ورجع وفي سنة تسع وسبعين وأربعمائة بعدها بعث عميد العراق عسكرا إلى الأنبار فملكها من يد بني عقيل وفيها أقطع السلطان ملك شاه مدينة الرحبة وأعمالها وحران وسروج والرقة والخابور لمحمد بن شرف الدولة مسلم ابن قريش وزوجه بأخته خاتون زليخة فتسلم جميع هذه البلاد وامتنع محمد بن المشاطر من تسليم حران فأكرهه السلطان على تسليمها.

.نكبة إبراهيم وتنازع محمد وعلي ابني مسلم بعده على ملك الموصل ثم استيلاء علي عليها.

لم يزل إبراهيم بن قريش ملكا بالموصل وأميرا على قومه بني عقيل حتى استدعاه السلطان ملك شاه سنة اثنتين وثمانين فلما حضر اعتقله وبعث فخر الدولة ابن جهر على البلاد فملك الموصل وغيرها وأقطع السلطان عمته صفية مدينة بلد وكانت زوجا لمسلم بن قريش ولها منه ابنه علي وتزوجت بعده بأخيه إبراهيم فما مات ملك شاه ارتحلت صفية إلى الموصل ومعها ابنها علي بن مسلم وجاءه أخوه محمد بن مسلم وتنازعا في ملك الموصل وانقسمت العرب عليهما واقتتلوا على الموصل فانهزم محمد وملك علي ودخل الموصل وانتزعها من يد ابن جهير.

.عود إبراهيم إلى ملك الموصل ومقتله.

لما مات ملك شاه واستبدت تركمان خاتون بعده بالأمور وأطلقت إبراهيم من الاعتقال فبادر إلى الموصل فلما صار بها سمع أن علي ابن أخيه مسلم قد ملكها ومعه أمه صفية عمة ملك شاه فبعث إليها وتلطف بها فدفعت إليه ملك الموصل فدخلها وكان تتش صاحب الشام أخو ملك شاه قد طمع في ملك العراق واجتمع إليه الأمراء بالشام وجاء أقسنقر صاحب حلب وسار إلى نصيبين فملكها وبعث إلى إبراهيم أن يخطب له ويسهل طريقه إلى بغداد فامتنع إبراهيم من ذلك فسار لشق ومعه أقسنقر وجموع الترك وخرج إبراهيم للقائه في ثلاثين ألفا والتقى الفريقان بالمغيم فانهزم إبراهيم وقتل وغنم الترك حلهم وقتل كثير من نساء العرب أنفسهن خوفا من الفضيحة واستولى تتش على الموصل.

.ولاية علي بن مسلم على الموصل ثم استيلاء كربوقا وانتزاعه إياها من يده وانقراض أمر بني المسيب من الموصل.

ولما قتل إبراهيم وملك تتش الموصل ولى عليها علي بن أخيه مسلم بن قريش فدخلها مع أمه صفية عند ملك شاه واستقرت هي وأعمالها في ولايته وسار تتش إلى ديار بكر فملكها ثم إلى أذربيجان فاستولى عليها وزحف إليه بركيارق وابن أخيه ملك شاه وتقاتلا فانهزم تتش وقام بمكانه ابنه رضوان وملك حلب وأمره السلطان بركيارق بإطلاق كربوقا فأطلقه واجتمعت عليه رجال وجاء إلى حران فملكها وكاتبه محمد بن مسلم بن قريش وهو بنصيبين ومعه ثوران بن وهيب وأبو الهيجاء الكردي يستنصرونه على علي بن مسلم بن قريش بالموصل فسار إليهم وقبض على محمد بن مسلم وسار به إلى نصيبين فملكها ثم سار إلى الموصل فامتنعت عليه ورجع إلى مدينة بلد وقتل بها محمد بن مسلم غريقا وعاد إلى حصار الموصل واستنجد علي بن مسلم بالأمير جكرمش صاحب جزيرة ابن عمر فسار إليه منجدا له وبعث كربوقا إليه عسكرا مع أخيه التوتناش فرده مهزوما إلى الجزيرة فتمسك بطاعة كربوقا وجاء مددا له على حصار الموصل واشتد الحصار بعلي بن مسلم فخرج من الموصل ولحق بصدقة بن مزيد بالحلة وملك كربوقا بلد الموصل بعد حصار تسعة أشهر وانقرض ملك بني المسيب من الموصل وأعمالها واستولى عليها ملوك الغز من السلجوقية أمراؤهم والبقاء لله وحده.